الأعرابي الذي قابل إحسان النبي بالإساءة :
عن أبي هريرة ، أن أعرابيا ، جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -يستعينه في شيء ، فأعطاه شيئا ، ثم قال :" أحسنت إليك ؟ "
فقال الأعرابي : لا ، ولا أجملت !
قال : فغضب المسلمون ، وقاموا إليه ، فأشار إليهم أن كفوا .
ثم قام النبي -صلى الله عليه وسلم - فدخل منزله ، ثم أرسل إلى الأعرابي ، فدعاه إلى البيت ، فقال : "إنك جئتنا فسألتنا ، فأعطيناك ، فقلت : ما قلته" ، فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، ثم قال :" أحسنت إليك ؟ " !
قال الأعرابي : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا ..
فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- :" إنك كنت جئتنا فسألتنا ، فأعطيناك ، وقلت ما قلت ، وفى أنفس أصحابي شيء من ذلك ، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي ، حتى تذهب من صدورهم ما فيها عليك " !!
قال : نعم .
فلما كان الغد أو العشي ، جاء فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن صاحبكم هذا كان جاء فسألنا ، فأعطيناه ، وقال ما قال ، وإنا دعوناه إلى البيت فأعطيناه فزعم أنه قد رضي ، أكذلك؟"
قال الأعرابي : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا .
فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -:" ألا إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه ، فاتبعها الناس ، فلم يزيدوها إلا نفورًا ، فناداهم صاحب الناقة : خلوا بيني وبين ناقتي ، فأنا أرفق بها وأعلم ، فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها وأخذ لها من قمام الأرض ، فردها هونا هونا هونا حتى جاءت واستناخت وشد عليها ، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال ، فقتلتموه، دخل النار !"[43] .
وهذا الموقف قد ازدحمت فيه العديد فضائل وأخلاق محمد، فاشتمل الموقف على كرمه وحسن تصرفه ولطفه ورفقه ، إلا جانب خلق العفو الذي سطرنا تحته الحديث– صلوات الله وسلامه على صاحب الخلق العظيم - .