ضياء مسعود عضو نشيط
عدد المساهمات : 65 تاريخ التسجيل : 24/01/2008
| موضوع: البحث عن قلب حي و الجرافات لا تعرف الحزن الأحد يناير 27, 2008 10:48 am | |
| «البحث عن قلب حي» و«الجرافات لا تعرف الحزن»... وجهان أسودان لوطن واحد!
كتب حسين صالح : تصادف - بالقرعة - ادراج عرضين من عروض مسابقة المهرجان المسرحي الشبابي الثالث في يوم واحد، القاسم المشترك بينهما المأساة الانسانية في ظل السلطة القمعية وغياب الضمير والانتماء والكرامة والاخاء، ومن ثم يكون التشرد والعذاب والموت محصلات طبيعية في ظل واقع موحش مظلم اسود، والعرضان يشيران الى جغرافية الوطن العربي الكبير. العرضان هما «البحث عن قلب حي» لفرقة مسرح الشباب الذي قدم في السادسة مساء الخميس على مسرح كيفان و«الجرافات لا تعرف الحزن» اداء طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية، والذي قدمه طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية في الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه. «البحث عن قلب حي» «البحث عن قلب حي» تأليف محسن الرملي واخراج عبدالعزيز صفر وانتاج فرقة مسرح الشباب، وهو رؤية سوداوية لرحلة عذاب الانسان في الحياة من الولادة الى الممات في ظل التفكك الاجتماعي والفساد السياسي وغياب الضمير الانساني، حيث يبدأ العرض كولادة الانسان يحدوه الامل وتتشح الدنيا في نظره بالبياض والتفاؤل، وهو ما اشارت اليه الثياب البيضاء والشموع التي أضيء بعضها تماما كشموع الميلاد او الفرح من جانب اخر، وما تلبث ان يتقشر هذا النور ويتبدد الامل كالدخان ويعم السواد الحياة، فثياب الممثلين سوداء بعد ان يخلعوا ثيابهم البيضاء، والشموع تنطفئ، فلا احد يمتلك وسيلة اضاءتها من جديد، وتصاحب هذا اليأس والظلام والسواد رحلة عذاب لشاب يبحث عن «قلب حي» يزرعه لشقيقه الذي يرقد في فراش الموت، ولكن الشقيق لا يجد من يمد له يد العون او حتى يشعر بحاجته ومشكلته في اي مكان او لدى اي أناس من فئات المجتمع، اللهم الا شخص مهرج يعبر عن الحقيقة بفقاقيع ينفثها من وقت الى اخر ساخرا من الشعارات الرنانة وتصريحات الساسة والمسؤولين في كل مناسبة، وفي النهاية نجد هذا الانسان الفقير العاجز الذي لا يملك من حطام الدنيا شيئا هو الذي يتبرع بقلبه للمريض، وهو لا يملك غير هذه الحياة، والعرض بدلالاته ورمزيته وفنتازيته اشبه بحلم او كابوس مزعج يراه الانسان في منامه، غير ان الكاتب قد اسقط هذا الحلم او هذا الكابوس على واقع الانسان العربي في ظل ايديولوجيات ومعطيات اجتماعية وسياسية وطغيان الحياة المادية. «الجرافات لا تعرف الحزن» «الجرافات لا تعرف الحزن» في المقابل هو واقع كالحلم، اذ يحكي العرض مأساة رجل مسن يعاني التعذيب حتى الموت بسبب هروب ابنه الشاب من قبضة السلطة الديكتاتورية، وكانت زوجته المسنة ايضا سبقته الى الموت مقتولة بطعنة في قلبها, العرض المسرحي من تأليف العراقي قاسم مطرود واخراج هاني عبدالصمد. العرض المسرحي أشبه بأداء المينودراما للشخصية المحورية مع ظهور شخص صامت يمثل السلطة القمعية وقد ارتدى على وجهه قناع «البلياتشو» حيث هو اداة القمع السلطوي، بينما تعادلت رؤية المخرج الجميلة مع سوداوية النص بتشكيل بيئة عرض مناسبة من خلال سينوغرافيا غنية بالدلالات والرمزية بدءا من الخريطة الخلفية للمسرح التي رسمت عليها خريطة الوطن العربي كله في خطوط متقطعة تقريبا وحدود ممزقة ولون اصفر، دلالة على التفرق وفحولة الصحراء وضياع الامل، الى تشكيل بصري ثابت من شجرتين يابستين على جانب المسرح وصندوق موتى وقبور وصخور عارية وتراب وشل لجرف التربة واهالتها على جسد الرجل ودفنه حيا بعد تعذيبه وتكميم فمه, والنص في صياغته الدرامية لا يعدو كونه حدوتة بسيطة حدثت وتحدث لمئات بل آلاف الأسر التي تدفع ثمن هروب ابنائها من جندية السلطة الديكتاتورية, ولعل المؤلف يرمز بها الى حالات واقعية شهدها العراق في ظل حكم الرئيس المخلوع صدام حسين ونظامه الديكتاتوري القمعي والاسلوب الاستخباراتي، ولكن العرض فرض الحال المأسوية لهذا الرجل لتشمل جغرافية الوطن العربي رغم التباين في نسب الحريات وعلاقة الفرد بالسلطة، واستعار من منطقة القبور معالمها وبيئتها التي ترسم جغرافية الوطن الاكبر قبر للاحياء بالنسبة لهؤلاء الذين تغربوا في داخل الوطن وتشردوا في خارجه، وتقطعت بهم اوصال الحياة الكريمة والآمنة سواء كانوا داخل الوطن او خارجه.
((((( ارســــــــــل تعليقك ))))) | |
|