موضوع: اكتشاف موقع سد ذى القرنين ووصفه ... الجمعة يناير 25, 2008 11:32 am
اكتشاف موقع سد ذى القرنين ووصفه ... جولة استكشافيه بأمر الخليفة العباسى وأستمرت 28 شهرا ... رحلة سلام الترجمان ... بحثا عن سد ذى القرنين . قال تعالى (( وسسألونك عن ذى القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا .انا مكنا له فى الارض وآتيناه من كل شئ سببا )) الكهف 83-98 اختلف المؤرخون والرواة والمفسرون فى شأن ذى القرنين على اقوال عديده يصعب الجمع بينها كما يصعب القطع بصحتها كاها لتباعد تفسيراتها وتعليلاتها ونقل ابن كثير فى تاريخه ( البداية والنهاية ) بعضا من هذه الاقوال عن ذى القرنين .. قيل ملكا من الملوك العادلين وقيل نبيا وقيل رسولا وقيل انه ملك فارس والروم وقيل الاسكندر المقدونى وقيل انه كان من حمير وأمهرومية ...... وقد خرج بعض المفسرين بمحاولة للجمع بين الروايات فقالوا " ملك صالح نصح الله فأيده " ... نقل القرطبى فى تفسيره ( الجامع لاحكام القرآن ) عن ابن اسحاق انه اوتى مالم يؤت غيره , فمدت له الاسباب حتى انتهى الى مشارق الارض ومغاربها . لايطأ ارضا الا سلط على اهلها ... قال بعض العلماء ليس المراد انه انتهى الى الشمس مشرقا ومغربا حتى وصل الى جرمها فمسه لانها تدور مع السماء حول الارض ولكن الملااد انه انتهى الى آخر العمارة من جهتى المشرق والمغرب .... ونقل ابن جرير الطبرى فى تفسيره ( جامع البيان ) ان الجبلين اللذين بنى عليهما السد هما : أرمينيه وأذربيجان وفيا ذو القرنين يسير اذ وجد امة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون , يقسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتآسون ويتراحمون , حالهم واحدة وكلمتهم واحدة واخلاقهم متشابهه قلوبهم متآلفة سيرتهم حسنة قبورهم على ابوابهم وليس لبيوتهم ابواب وليس عليهم امراء وليس بينهم قضاة وليس بينهم اغنياء ولا ملوك ولا اشراف , لايتفاوتون ولايتفاضلون ولا يختلفون ولايتنازعون ولايستبون ولايقتتلون ولايقحطون ولايحردون ولا تصيبهم الافات وهم اطول الناس اعمارا ليس فيهم مسكين ولا فقير ولافظ ولاغليظ وجدوا اباءهم يواسون فقراءهم ويرحمونهم ....الخ
ونقل الفخر الرازى فى تفسيره الكبير عن ابى الريحان الهروى : ان السد فى ناحية الشمال لابين الصين ولابيناذربيجان ... ويرى الحافظ ابن كثير فى تاريخه : ان ذاالقرنين بنى السد من الحديد والنحاس وساوى بين الجبال الصم الشامخات الطوال فلا يعرف بناء على وجه الارض اجل منه ولا انفع للخلق فى دنياهم .... ويرى الطاهر بن عاشور فى تفسيره (التحرير والتنوير) ان اليهود الذين كانوا منفردين بمعرفة اهل الكهف وذى القرنين والروح : ارادوا اختبار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فجعلوا مشركى قريش يسألونه صلى الله عليه وسلم عنها فأذن الله لنبيه بأن يبين منها ماهو موضع العبرة للناس فى سؤون الصلاح والعدل وفى عجيب صنع الله تعالى فى اختلاف احوال الخلق ولم يتجاوز القرآن ذكر ذى القرنين بغير مااشتهر به الى تعيين اسمه وبلاده وقومه لان ذلك من شؤون اهل القصص والتاريخ وليس من أغراض القرآن ......... وعرض المفسر الجليل الاختلاف بين المفسرين فى تعيين من هو ذا القرنين ويستبعد ابن عاشور ان يكون هو الاسكندر المقدونى لانه لم يكن ملكا صالحا ... ولاالملك الفارسى أفريدون . والذى يظهر لى ان ذا القرنين ملك من ملوك الصين هو( تسين شى هوانق تى )لاسباب.منها ان اعظم السدود موجود فى الصين اليوم يفصل بينها وبين المغول ... وبلاد الصين فى عهد هذا الملك كانت تدين بالكونفوشيسية فلا جرم ان كان اهلها قوما صالحين ......................
نعود الان الى "سلام الترجمان" الذى اشتهرت رحلته الى الاصقاع الشماليه من قارة اسيا بحثا عن سد ذى القرنين ..... فقد اعتبر المستشرق " دى خويه " رحلته واقعة تاريخيه لاشك فيها وانها جديرة بالاهتمام وايده فى هذا الراى خبير ثقة فى الجغرافيا التاريخية هو " توماشك " وفى الاونة الاخيرة يرى عالم البيزنطيات " فاسيلييف " أن سلاما نقل ماشاهده فى رحلته للخليفة العباسى الذى اوفده لهذه المهمة ..ز وبعد ان نقل المستشرق الروسى " كراتشكوفسكى " هذه الاراء مع آراء المشككين فى الرحلة قال :ويلوح لى ان راى _ فاسيلييف _ هذا لايخلو من وجاهة رغما من ان وصف تالرحلة لايمكن اعتباره رسالة جغرافية بل مصنف ادبى يحفل بعناصر نقليه من جهة وانطباعات شخصية صيغة فى قالب ادبى من جهة اخرى ...
============= باية قصة الرحلة ============= وبدأت قصة الرحلة عندما رأى الخليفة العباسى الواثق بالله ( 232 هـ _ 722 م ) فى المنام حلما تراءى له فيه أن السد الذى بناه الاسكندر ذو القرنين ليحول دون تسرب يأجوج ومأجوج قد انفتح فأفزعه ذلك فكلف سلام الترجمان بالقيام برحلة ليستكشف له مكان سد ذى الاقرنين ......... ويروى لنا المسعودى فى كتابه ( نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق ) وابن خرداذيه فى كتابه ( المسلك والممالك) قصة هذه الرحلة على النحو التالى : ان الواثق بالله لما راى فى المنام ان السد الذى بناه ذو القرنين بيننا وبين ياجوج وماجوج مفتوحا احضر سلاما الترجمان الذى كان يتكلم ثلاثين لسانا وقال له : اذهب وانظر الى هذا السد وجئنى بخبره وحاله وماهو عليه . ثم امر له باصحاب يسيرون معه وعددهم 60 رجلا ووصله بخمسة آلاف دينار واعطاه ديته عشرة آلاف درهم وامر لكل واحد من اصحابه بخمسين الف درهم ومؤونة سنة ومئة بغل تحمل الماء والزاد , وأمر للرجال باللبابيد وهى أكسية من صوف وشعر ... وحمل سلام رسالة من الخليفة الى اسحاق بن اسماعيل صاحب أرمينيه بتفليس وكتب صاحب أرمينية توصية لهم الى صاحب السرير وكتب لهم الى صاحب اللان وهكذا الى فيلا شاه وطرخان ملك الخزر الذى وجه معهم خمسة ادلاء ساروا معهم 25 يوما حتى انتهوا الى ارض سوداء منتنه الرائحة , " فسرنا فيها عشرة ايام ثم وصلنا الى مدن خراب فسرنا فيها عشرين يوما وسالنا عن خبرها فقيل لنا هى المدن التى خربها باجوج وماجوج ثم صرنا الى حصون بالقرب من الجبل الذى فى شعبة منه السد وفى تلك الحصون قوم يتكلمون العربيه والفارسيه مسلمون يقرؤون القرآن ولهم كتاتيب ومساجد وبين كل حصن واخر فرسخان ثم صرنا الى مدينة يقال لها |(ايكة) لها ابواب من حديد وفيها مزارع وهى التى كان ينزلها ذو القرنين بعسكره بينها وبين السد مسيرة ثلاثة ايام ثم صرنا الى جبل عال عليه حصن والسد الذى بناه ذو القرنين هو فج بين جبلين عرضه 200 ذراع وهو الطريق الذى يخرجون منه فيتفرقون فى الارض فحفر اساسه 30 ذراعا وبناه بالحديد والنحاس ثم رفع عضادتين مما يلى الجبل من جنبتى الفج عرض كل منهما 25 ذراعا فى سمك 50 ذراعا وكله بناء بلبن مغيب فى نحاس وعلى العضادتين عتبة عليا من حديد طولها 120 ذراعا وفوقها بناء بذلك اللبن الحديد الى رأس الجبل وارتفاعه مد البصر ... فيكون البناء فوق العتبة 60 ذراعا وفوق ذلك شرف من حديد فى كل شرفة قرنتان تنثنى كل واحدة على الاخرى طول كل شرفة خمسة اذرع فى اربعة وعليه سبع وثلاثون شرفة وباب من حديد بمصراعين معلقين عرض كل مصراع 50 ذراعا فى 75 ذراعا فى ثخن خمسة اذرع . وقائمتان فى دوارة على قدر العتبة لايدخل من الباب ولا الجبل ريح وعلى الباب قفل طوله 7 اذرع فى غلظ باع فى الاستدارة والقفل لايحتضنه رجلان وارتفاع القفل من الارض 25 ذراعا وفوق القفل بخمسة اذرع غلق طوله اكثر من طول القفل وقفيزاه كل واحد ذراعان وعلى الغلق مفتاح معلق طوله ذراع ونصف وله 12 سنا من الاسنان واستدارة المفتاح 4 اشبار معلق فى سلسلة ملحومة بالباب طولها 8 اذرع فى 4 اشبار والحلقة التى فيها السلسلة مثل المنجنيق وعتبة الباب عرضها 10 اذرع فى بسط مائة ذراع ومع الباب حصنان يكون كل منهما 200 ذراع ... وفى احد الحصنين آلة البناء التى بنى بها السد من قدور الحديد ومغارف حديد وهناك بقية من اللبن الذى التصق ببعضه بسبب الصدأ .. ورئيس تلك الحصون يركب فى كل يومى اثنين وخميس وهم يتوارثون ذلك الباب كما يتوارث الخلفاء الخلافة يقرع الباب قرعا له دوى والهدف منه ان يسمعه من وراء الباب فيعلموا ان هناك حفظة وان الباب مازال سليما وعلى مصراع الباب الايمن مكتوب ( فاذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا ) ..... والجبل من الخارج ليس له متن ولا سفح ولا عليه نبات ولا حشيش ولا غير ذلك وهو جبل مسطح متسع قائم املس ابيض .......
وبعد تفقد سلام الترجمان للسد انصرف نحو خراسان ومنها الى طبانوين ومنها الى سمرقند فى ثمانية اشهر ومنها الى اسبيشاب وعبر نهر بلخ ثم صار الى شروسنة فبخارى وترمذ ثم الى نيسابور ومات من الرجال فى الذهاب 22 رجلا وفى العودة 24 رجلا ..................
وورد نيسابور وبقى معه من الرجال 14 ومن البغال 22 بغلا وعاد الى ( سر من رأى ) فاخبر الخليفة بما شاهد .... بعد رحلة استمرت 16 شهرا ذهابا و12 شهرا فى الاياب ..........
المراجع / 1- البداية والنهاية .... للحافظ ابن كثير 2- تاريخ الادب الجغرافى العربى ........ كراتشكوفسكى 3- المسالك والممالك ................. لابن خرداذبه 4- الشريف الادريسى ودور رحلته وجغرافيته ......... للدكتور محمد مرسى الحريرى